"الحلف بغير الله منكر ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ) وهو حديث صحيح ، وقال عليه الصلاة والسلام : (مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا) ، وقال : (لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلَا بِالْأَنْدَادِ ، وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ) .
هذا حكمه عليه الصلاة والسلام ، وهو منع الحلف بغير الله كائناًَ من كان ، فلا يجوز الحلف بالنبي عليه الصلاة والسلام ، ولا بالكعبة ، ولا بالأمانة ، ولا بحياة فلان ، ولا بشرف فلان ، وكل هذا لا يجوز ؛ لأن الأحاديث الصحيحة دلت على منع ذلك ...
وقد نقل أبو عمر بن عبد البر الإمام المشهور رحمه الله إجماع أهل العلم على أنه لا يجوز الحلف بغير الله ، فالواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك .
إن الحلف بغير الله ما يجوز ، فالحلف بغير الله مثل أن يقول : باللات والعزى ، بفلان ، بحياة فلان ، وحياة فلان ، ويدخل في ذلك الحلف بحياة الإنسان ورأسه وشرفه ، والحلف بأمه وأبيه ، والحلف بالكعبة وغير ذلك من المخلوقات .الحلف لا يكون إلا بالله تعالى ، أو باسم من أسمائه ، أو صفة من صفاته ، وأما الحلف بغير الله فلا يجوز ، وهو من الشرك ؛
واليمين بغير الله يمين غير منعقدة ، ولا تلزم فيها كفارة عند أكثر العلماء .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا تنعقد اليمين بالحلف بمخلوق ; كالكعبة , والأنبياء , وسائر المخلوقات , ولا تجب الكفارة بالحنث فيها . وهو قول أكثر الفقهاء " انتهى من "المغني" (9/405) .
وعلى هذا ، فمن حلف برأسه ، فقد ارتكب أمراً محرماً ، وعليه التوبة إلى الله تعالى ، والندم على ما فعل ، والعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى ، وليس عليه كفارة إذا أخل بما حلف عليه ، لأن هذه اليمين يمين محرمة لا يترتب عليها ما يترتب على الحلف بالله .
الشيخ بن باز رحمه الله "فتاوى نور على الدرب" (1/181 – 183) .